ماريمار الشام مشرفة
رقم العضويه : 57 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 عدد المساهمات : 157 نشاطي : دعائي : الهوايه : المزاج : رسالتي mms : الاوسمه :
| موضوع: صيام وصبر!!!!!!!!!! الثلاثاء أغسطس 31, 2010 9:01 am | |
|
د. محمد خازر المجالي*
العلاقة بين الصبر والصيام واضحة، فالصيام مشقة، وأية مشقة لا بد لها من صبر، وفي الرواية عن ابن مسعود رضي الله عنه أن الصبر نصف الإيمان، والصيام نصف الصبر، فالإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر، لأن أمر الإنسان وشأنه ما بين سراء تستوجب الشكر، أو ضراء تستوجب الصبر، والدنيا دار ابتلاء وتكليف، وليست المستقر، بل الآخرة هي دار القرار.
وفي الحديث: "عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له"، (رواه مسلم)، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الصبر عند الصدمة الأولى، وقال: "ما أُعطي أحدٌ عطاء خيراً وأوسع من الصبر"، (رواه البخاري ومسلم).
ووصف الصيام بأنه نصف الصبر حقيقة واقعة، فكيف إن كان الصيام في الأوقات الشديدة، وإن كان النهار طويلاً، والطقس حاراً، فلا شك هو جزء كبير من الصبر.
ولئن كان الصيام نصف الصبر، فالذي يعنينا أكثر أن يكون رمضان مدرسة في الصبر، بمعنى أن يعلمنا الصبر كخُلُق نعيشه في هذه الحياة، لنصبر على أي شيء يصيبنا فيها، والصبر يقود -لا محالة- إلى الحكمة والتروي والتعامل مع الأمور -أنى كانت- على بصيرة ونور. فكثيرة هي الأحداث: خيرها وشرها، التي تواجه الإنسان في دنياه، ويا له من خلق عظيم ذاك الذي يعين المسلم على مواجهة الألم بالأمل، والشدة بالصبر، واليأس بالثقة بالله تعالى، وهذا كله لا تستطيعه إلا النفوس الكبيرة، والتي من وسائل بنائها الصبر. والعجيب في الصبر أنه يشترك مع الصيام في أنه لا حدود للأجر عليه، لأنه مسألة داخلية إيمانية بين العبد وربه سبحانه، فقال تعالى في الصيام في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به"، (رواه البخاري ومسلم)، وقال سبحانه في كتابه عن الصبر: "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"، (الزمر: 10).
والصبر في معناه كما يقول ابن القيم: هو حبس النفس عن الجزع والتسخط، وحبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن التشويش، وهو أيضاً ثلاثة أنواع: صبر على الطاعة للاستمرار عليها، وصبر عن المعاصي، وصبر على البلاء وامتحان الله للنفس.
وفي فضله يقول عمر بن الخطاب: "خير عيش أدركناه بالصبر"، وأخبر النبي صلى الله عنه بأنه ضياء (رواه مسلم).
وكما يقول ابن القيم، فالصبر ثلاثة أنواع: صبر بالله، وصبر لله، وصبر مع الله.
أما الصبر بالله: فهو بمعنى الاستعانة به سبحانه، وأنه هو المصبِّر، كما قال تعالى: "واصبر وما صبرك إلا بالله"، (النحل: 127)، فالعبد لا حول له ولا قوة إلا بالله تعالى، ولا يلغي هذا -بطبيعة الحال- الأخذ بالأسباب.
وأما الصبر لله: بأن يكون الباعث للإنسان على الصبر هو محبة الله تعالى، والتقرب إليه، لا لإظهار قوة النفس، ولنتذكر دائماً ضعفنا وحاجتنا إلى الله تعالى، ولا نغتر بصحة ولا مال ولا جاه، فنحن الفقراء إليه سبحانه.
وأما الصبر مع الله: فهو دوران العبد مع مراد الله، فكأن العبد قد جعل نفسه وقفاً على أوامره ومحابه، وهو أشد أنواع الصبر وأصعبها، وهو صبر الصدّيقين، وهنا الاستسلام الكامل لله، والعيش معه سبحانه.
ونظرة سريعة على آيات الصبر في القرآن تبين لنا ابتداءً أنها كثيرة جداً، جاءت في سياقات متعددة، فمنها ما جاء للأمر به كقوله تعالى: "اصبروا وصابروا"، والثناء على أهله كقوله تعالى: "والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس، أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون"، وبيان محبة الله للصابرين، كقوله تعالى: "والله يحب الصابرين"، وإيجاب معيته للصابرين، كقوله تعالى: "والله مع الصابرين"، والتنبيه على أن الصبر خيرٌ لأصحابه، كقوله تعالى: "ولئن صبرتم لهو خير للصابرين"، وإيجاب الجزاء لهم بأحسن الأعمال، كقوله تعالى: "ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون"، وإيجاب الجزاء لهم بغير حساب، كقوله تعالى: "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"، وإطلاق البشرى لأهل الصبر، كقوله تعالى: "وبشر الصابرين"، وضمان النصر لهم، كقوله تعالى: "بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوِّمين"، ويؤكده قوله صلى الله عليه وسلم: "واعلم أن النصر مع الصبر"، والله يخبر أن أهل الصبر هم أهل العزائم: "ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور"، والإخبار بأنه ما يلقى الأعمال الصالحة وجزاءها والحظوظ العظيمة إلا أهل الصبر، كقوله تعالى: "ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون"، وقوله: "وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم"، ومنها بيان أن أهل الصبر هم المنتفعون بالآيات، كقوله تعالى: "إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور"، ومنا الإخبار بأن الفوز المطلوب، والنجاة من المكروه، ودخول الجنة إنما نيل بالصبر، قال تعالى: "والملائكة يدخلون عليهم من كل باب، سلام عليكم بما صبرتم، فنعم عقبى الدار"، ومنها أن الصبر يورث صاحبه درجة الإمامة، قال تعالى: "وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون".
ولما علمنا العلاقة بين الصبر والصيام، وما للصبر من هذا الثناء العظيم، فلا عجب إذن أن يكون للصيام هذا الأثر الكبير في تنمية جانب التقوى وتعزيزه في نفس الإنسان، مما يسمو به ويجعله في مصاف المتقين الحائزين على رضوان الله تعالى وجناته. ولا شك أن الحياة تعلمنا أن من أهم الأخلاق التي تميز الشخصية الإيمانية عن غيرها الصبر، بل إن النفوس العظيمة لا تعد عظيمة بلا صبر، وعلمتنا الأيام أيضاً أن للصبر علاقةً وثيقةً بالتقوى، ولا نعني الصبر اللحظي، بل الخلق الدائم في الشخصية الإسلامية.
ولا نبالغ إن قلنا إننا أحوج ما نكون الآن في أيامنا هذه إلى الصبر، فعلى صعيد حياتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية: فالظروف قاهرة غالبة، وعلى صعيد أوضاع الأمة الإسلامية، نرى الظلم الواقع علينا من جهة، والآمال العظيمة والمبشرات الكثيرة الواضحة في قرآننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى، والتي تستدعي صبراً على الدعوة والنهضة، فحريّ بنا أن نبني صرح الصبر في نفوسنا، ولنتذكر بأن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً، ولن يغلب عسر واحد يسرين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، فإن لم يكن رمضان بما فيه من صيام مدرسة في خُلُق الصبر ومنهج الصبر وحكمة الصبر، فما الذي سيبنيه إذن!؟
* عميد كلية الشريعة بالجامعة الأردنية | |
|
عطر البنفسج الادارة
رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 عدد المساهمات : 1370 نشاطي : دعائي : الهوايه : المزاج : رسالتي mms : الاوسمه :
| موضوع: رد: صيام وصبر!!!!!!!!!! السبت نوفمبر 06, 2010 5:58 am | |
| الف شكر لكي ماريمار
على ماقدمته يداكي
تقبلي تحياتي
| |
|